Monday, August 04, 2008


المواطن الإماراتي بعد عشر سنوات

التوقيت : التاسعة مساء ً من يوم الخميس , الموافق العاشر من أبريل لعام 2018
يطالع "كرشناه" – مواطن هندي- ساعته وهو في طريقه إلى منزله بعد الجولة المسائية في المراكز التجارية والمنتزهات و التي أمضاها مع زوجته وأطفاله الثلاثه في إمارة دبي , وكله أمل ورجاء أن لا يتأخر ولو دقيقة واحدة عن برنامجه التلفزيوني المفضل ( كيف تصبح ممثل ) !!
كرشناه: أففف كل يوم زحمه زحمه
زوجته: دبي أصبحت لا تطاق , و (تلوع الكبد) !! , يقال أنه يسكنها حوالي عشرة ملايين نسمه !! 99% منهم أجانب و1% فقط مواطنين ..
كرشناه: أنا اريد ان ارى الـ1% هؤلاء !! فمنذ أن أتيت للعمل في دبي منذ ما يقارب الثمانية سنوات لم أرى "غترة وعقال" أو "عبايه وشيله " تتمشى في الشارع او في مركز تجاري , نقرأ عنهم فقط في الصحف المحلية, ولانراهم ؟
زوجته : يقولون أنهم يتعرضون لمضايقات من قبل الأجانب , هكذا سمعتهم يشتكون لقناة "مليبار في دبي" قبل يومين .
فجأة .. يوقف "كرشناه" سيارته ليتفادى الاصطدام بالسيارة التي امامه , ليكتشف طابور طويل من السيارات أمامه , وقد نزل أصحابها وألتفوا حول شيء ما !!.
كرشناه: أنتظروني هنا .. سأذهب لأرى ما هي المشكله !
زوجته : إلى أين .. ربما حادث مروري كالمعتاد .
يبدأ الأطفال في البكاء بصوت عالي "دادي دادي" , والزوجة تحاول تهدئتهم ...
كرشناه وهو يصيح بهم : أسكتووووووو !
يخيـّم الهدوء للحظات بعد (الهزاب) .. ينزل بعدها "كرشناه" ليستطلع الأمر, ويحاول بكل جهده الوصول إلى منتصف هذا الجمع الغفير , ليصادف زميله في العمل "محمد كوتي" , فيبدأ الإثنان بهز الرأس تعبيرا ً عن الترحيب ببعضهما البعض ..
كرشناه: ما هي المشكله ؟
محمد كوتي: يقولون أن أحد الأشخاص ممن يطلق عليهم (مواطنين) قد أصطدم بعامود الإنارة ... لا أعلم من أين يخرج علينا هؤلاء الغجر اللذين يسمون أنفسهم "مواطنين" .. يقول "محمد كوتي" جملته الأخيرة تلك بسخرية وتهكم وهو ( يحيس بوزه يمنة ويسرى )
يبتسم "كرشناه" إبتسامة عريضة , وقد أحس بسعادة غامرة ... وأخيرا ً .. وبعد طول إنتظار .. سيتمكن من مشاهدة (مواطن إماراتي) على الطبيعة .. صحيح أنه كان يرغب في مشاهدة هذا الكائن الغريب في غير هذه الظروف المأساوية , في مركز تجاري أو مؤسسة من المؤسسات , أو حتى في القنوات التلفزيونية المحلية .. ولكن لايهم .. فبعد ثمانية سنوات من الإنتظار والصبر , سيكحل عينيه برؤية ( مواطن إماراتي ) آملا ً ومتأملا ً أن لايكون كالعاده ( بنغالي لابس كندوره ) !!!

هذه مقدمة بسيطة للوضع الذي سيكون عليه (المواطن) – أعتذر عن وضع كلمة مواطن بين قوسين, تماشيا ً مع ندرة وجود صاحب هذه التسمية في هذا الوطن بعد عشر سنوات- فكل الظروف قد تهيأت ليحل الوافد سواء كان العربي أو الأجنبي محل من يحمل صفة ( مواطن ) , من عمارات شاهقة تحوي المئات بل الآلاف من الشقق السكنية , وبالطبع فإنها لن تكون مأوى للـ(مواطنين) بل لشلة "كرشناه" و "كوتي" ومن أراد من القبائل .! فالمواطن الإماراتي شعاره هذه الأيام هو ولدار الاخره خير ولنعم دار المتقين .. ! أضف إلى ذلك تلك الجزر الإصطناعية العديدة التي تزخر بها ما كانت تسمى يوما ً من الأيام بدولة الإمارات العربية المتحدة , وما تحتويه هذه الجزر العديدة من فلل ووحدات سكنية سيقطنها بالتأكيد أصحاب العيون الخضراء والشعر الأشقر .. وكأن مسؤولي هذه الدولة أقسموا بأغلظ الأيمان أن يقولوا للأجانب ادخلوا هذه الدولة فكلوا منها حيث شئتم رغدا ...!
ناطحات سحاب لا أول لها ولا آخر .. تنتشر هنا وهناك .. لا يعلم المرء لماذا بنيت ؟ ولمن ؟ ناطحات سحاب تمتليء بها هذه الدولة المغلوب على أمرها , ستكون ملاذا ً للمقيمين والزائرين ومن لفظتهم أوطانهم .. كذلك سخرناها لكم لعلكم تشكرون !
عزيزي القاريء .. لا تستغرب أبدا ً ولا تدع الدهشة تستولي عليك إن علمت ونما إلى علمك أن نسبة المواطنين في هذه الدولة تبلغ 10% إن لم تكن أقل .. ولا تلتفت إلى طنطنة المسؤوليين المعتادة بأن النسبة هي 15 % .. ( يعني جا يكحلها عماها ) !!!
فنحن أقلية في هذا الوطن .. ومعرضون للإنقراض والإندحار .. في مدة زمنية لاتتجاوز السبع سنوات على أقل تقدير .. بسبب السياسة الساذجة لبعض المسؤوليين اللامسؤولون ! آلاف البشر تكتظ بهم مطارات الدولة .. وترى القادمون أكثر من المغادرون .. بل أن المغادرون لايلبثون أن ينظموا للقادمين من جديد .. فلا قوانين تنظم العملية .. ولاهم مغادرون.. عفوا ولا هم يحزنون !
وطـــن ٌ أصبح ملجأ ً ومسكن لكل من هب ودب وشعارهم في هذا اهبطوا الإمارات فان لكم ما سالتم .. وطــنٌ يسكنه التاجر وجميع أفراد عائلته .. والعامل وجميع أفراد أسرته .. والنصاب وجميع أفراد أسرته .. و( الشحات ) وأيضا ً جميع أفراد أسرته !! فهذا الوطن أصبح وطن من لا وطن له .. وملجأ من لا ملجأ له .. كذبوا علينا بتلك العبارة والتي ما فتأوا يرددونها على مسامعنا ليل نهار بأن الإمارات بلد التعايش بين الحضارات والأمم .. ولم نرى .. من هذا التعايش الذي يتحدثون عنه سوى الويلات والمصائب وما أعظم مصيبة من كون أهل البلد أقلية بين كل هذه الأمم والحضارات التي يتغنون بها كل عشية وضحاها .. ! وكأن الله تعالى ما خلق في هذه البسيطة من أرض إلا الإمارات لكي تكون موطن التعايش ولقاء الحضارات .. وإن كان كل هذا على حساب المواطن الغلبان .. وهذا الوطن الحبيب !

في تصريح أشبه ما يكون بالنكته الساذجه , علق أحد المسؤوليين بأن التركيبه السكانية تعاني من خلل !! ( يعني أكتشفت شي ) وأضاف هذا المسؤول لافض فوه , بأنه علينا جميعا ً أن نتكاتف لحل هذه المشكله ( يعني حليتها ) !! ونسي هذا المسؤول بل تناسى أن أغلب القوانين التي صدرت لا تحل هذه الطامه , بل تساعد بشكل أو بآخر في تفاقم ظاهرة ما يسمى بخلل التركيبه السكانيه ! فلا قوانين العمل حدت من هذه الظاهرة, ولا ظبط المتسللين اليومي ساعد في إيقاف إغتصاب الوطن .. فمصيبتنا والمعظلة الكبرى ليست في أؤلئك اللذين يتسللون للبلاد خلسة.. فأعدادهم قليلة مقارنة بمن يدخلون البلاد بصورة شرعية .. فالمشكلة ياسادة يا كرام هي في هذه الشركات العملاقة وآلاف العمالة التي تنظوي تحت ظلها والتي يملكها العديد ممن يحترفون الظهور في وسائل الإعلام المحلي كل صباح ليذكروننا بأن الحفاظ على مكتسبات هذا الوطن واجب أخلاقي !
فتراهم يأمرون الناس بالبر وينسون انفسهم ...! آلاف بل عشرات الآلاف من تأشيرات العمل تصرف يوميا ً لصالح هذه الشركات .. ومن يملكها من أصحاب ( الكروش المتدلية ) على أعقابها , بحجة التنمية وبناء البلد , وهم بذلك ( يبنون العمارات .. ويهدمون الإمارات ) !! وإن كان هذا على حساب أمن الوطن والمواطن.. ونحن نقول لأصحاب هذه الشركات وهذه المؤسسات الكبيرة تعالوا الى كلمه سواء بيننا وبينكم .. فإلى متى يستمر مسلسل ( تأشيرات ببلاش ) ومن هو المسؤول .. ومن هو صاحب المصلحة في جلب كل هذه العمالة الأجنبية للبلد ؟ بل إلى أين تذهبون في هذا الأمــــر ! وكما يقال بالعاميه ( ما اردى من المربوط , الا المنفلت ) فقوانين العمل أباحت واستباحت لنفسها ولهذه الشركات المتاجرة بأمن هذا الوطن , بحجة أن الوطن في حاجة مستمرة للعمالة .. و ( خاربه خاربه ) الى أن يقضي الله أمرا ً كان مفعولا !!

عزيزي القاريء .. أعتذر عن تكملة هذا الموضوع .. فالخطب جلل .. والمصيبة عظيمة ... وكاسك ياوطن !