Tuesday, May 06, 2008

لماذا تلك الوقاحة الإيرانية ؟؟


خيرالله خيرالله
الرأي العام الكويتية - السبت 3 مايو



الموضوع ليس موضوع تظاهرة نسائية في طهران أمام مقرّ سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة ترفع المشاركات فيها لافتات تندد بما تسميه محاولات لإطلاق تسمية الخليج العربي على ما تعتبره إيران خليجاً فارسياً... أو تشير إلى تطلع إيراني نحو ضم البحرين. الموضوع أبعد من ذلك بكثير. إنه مرتبط بسياسة إيرانية صارت تسعى إلى الهيمنة على نحو مكشوف على كل ما هو في متناولها، أو تظن أنه في متناولها.في النهاية، لا تعود تسمية الخليج مهمة حين يكون هناك تفاهم بين الدول المطلة عليه بما يسمح بأن يكون بحيرة سلام في منطقة ذات أهمية استراتيجية في ضوء ما تحويه أرضها ومياهها من ثروات يحتاج العالم، خصوصاً العالم الصناعي، إليها. ولذلك، في استطاعة العرب تسميته الخليج العربي والفرس الخليج الفارسي. كما في استطاعة من يشاء تسميته الخليج الإسلامي مادامت كل الدول المطلة عليه إسلامية من دون استثناء. تشكّل التظاهرة النسائية تعبيراً عن رغبة إيرانية في انتهاج سياسة وقحة ذات طابع هجومي تختلف إلى حد كبير عن تلك المعتمدة في السنوات الأخيرة. يستدعي الدهاء الإيراني في المرحلة الراهنة الانتقال من المهادنة والمداهنة إلى تخويف الآخر لأسباب داخلية تستدعي القول للعالم إن إيران قوية ولا تخشى أحداً. ربما تبدو إيران في حاجة إلى طمأنة نفسها أولاً إلى أنها قوية في وقت تعاني من نقاط ضعف لا تحصى. وربما أيضاً، هناك طبيعة الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد التي فرضت النمط الجديد للسياسة الإيرانية القائم على التحدي المباشر. فالرجل في غاية الصلف، إضافة إلى أنه يعتبر الدول العربية في المنطقة وشعبها دون إيران بكثير. وظهر ذلك واضحاً من خلال الخطاب الذي ألقاه في القمة الأخيرة لدول مجلس التعاون التي انعقدت في ديسمبر الماضي في الدوحة. تحدث الرئيس الإيراني، الذي طلب توجيه دعوة إليه لحضور القمة الخليجية، في الجلسة الافتتاحية. وكان خطابه بمثابة برنامج عمل متكامل من اثنتي عشرة نقطة وتضمن شبه استدعاء إلى دول مجلس التعاون من أجل عقد قمة سباعية في طهران، استناداً إلى صيغة 6 + 1، على أن تكون الصيغة أساساً لنظام إقليمي جديد محوره إيران.في ضوء هذا التوجه الذي عبّر عنه الرئيس الإيراني الذي طالب، في قمة الدوحة، حتى بالسماح للإيرانيين بحرية الحركة والتملك في دول الخليج العربية، لا يعود مستغرباً تنظيم السلطات الإيرانية لتظاهرة نسائية ترفع شعارات معادية لتسمية الخليج بالعربي أمام سفارة دولة الإمارات. لا تخجل السلطات في إيران من تنظيم مثل هذه التظاهرة رغم أنها تحتل ثلاث جزر إماراتية هي أبو موسى وطنب الصغرى وطنب الكبرى منذ العام 1972. أي منذ أيّام الشاه. ماذا تغيّر في إيران منذ سقوط الشاه؟ تغير الشكل ولم يتغيّر الجوهر، أقله في ما يتعلّق بطريقة التعاطي مع الدول الخليجية وجيران إيران عموماً. لا تزال إيران تحلم باستعادة أمجاد الإمبراطورية الفارسية. ولذلك، لم يتردد أحمدي نجاد في قمة الدوحة عن الحديث عن مؤسسات أمنية مشتركة مع دول مجلس التعاون أو دعوة هذه الدول إلى «الاستفادة من التكنولوجيا الإيرانية» أو «السياحة النزيهة والعائلية». لا شك أن إيران بلد جميل سياحياً، بل من أجمل بلدان العالم، ولكن هل من يريد السياحة في إيران أحمدي نجاد حيث الجمال يتحول إلى بشاعة وحيث على المجتمع الإيراني، المتقدم بسنوات وسنوات على النظام، أن يقاوم يومياً الرضوخ؟يبدو واضحاً مما تقدّم أن النظام الإيراني يمارس لعبة الهروب إلى أمام. إنه يعتمد على انتصارات وهمية ينطلق منها للسعي إلى فرض هيمنته على دول المنطقة. وفي حال كان لا بد من اعتماد الواقعية، لأمكن القول إن النظام الإيراني ما كان قادراً على ممارسته السياسة الهجومية التي يمارسها حالياً في تعاطيه مع كل ما هو عربي لولا الحرب الأميركية على العراق. كان النظام الإيراني شريكاً في التشجيع على هذه الحرب. كانت إيران البلد الوحيد الذي شجع على الحرب واعترف لاحقاً بالمؤسسات التي انبثقت عن الاحتلال في مقدمها مجلس الحكم الانتقالي الذي وضع الحجر الأساس لعملية تهميش السنة العرب وإقامة نظام ذي طابع مذهبي محض يستند إلى «الأكثرية الشيعية» في العراق و«الفيديرالية» التي يسعى إليها الأكراد وبعض الأحزاب الشيعية المذهبية الموالية لطهران. بكلام أوضح، كان النظام الإيراني يسعى منذ البداية إلى استغلال الحرب الأميركية على العراق كي يخرج منها بصفة كونه المنتصر الأول والوحيد من الحرب. وهذا ما حصل بالفعل بفضل الدهاء الإيراني الذي دفع المعارضة الشيعية في العراق، على رأسها «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية» بقيادة محمد باقر الحكيم، ثم عبد العزيز الحكيم في اتجاه الانخراط في الحرب وفي المشروع الأميركي من أجل تمكين إيران من الثأر من صدّام حسين ونظامه الغبي الذي لم يكن لديه سلاح آخر غير القمع.يعتبر النظام الإيراني أنه انتصر في العراق وقبل ذلك في أفغانستان. كذلك يعتبر أنه صاحب قرار السلم والحرب في لبنان، بعدما صار له امتداد في اتجاه البحر المتوسط بفضل الميليشيا اللبنانية التابعة له المسماة «حزب الله». ويعتبر أن سورية صارت تحت رحمته، بعدما بات وجودها العسكري والأمني في لبنان يعتمد عليه مباشرة. استطاع النظام الإيراني بفضل «حزب الله» ملء الفراغ الذي نجم عن الانسحاب العسكري السوري، وذلك على حساب مؤسسات الدولة اللبنانية أولاً. أضف إلى ذلك أن الأجهزة الإيرانية صارت حاضرة في كل أنحاء فلسطين وباتت تتحكم بـ «حماس» وصواريخها في حين أن «الجهاد الإسلامي» تنظيم تابع لها من ألفه إلى يائه... وحتى بالمفهوم المذهبي للتبعية!انطلاقاً من هذه المعطيات يمكن فهم النهج الإيراني الجديد في التعاطي مع دول المنطقة على رأسها دول الخليج العربي التي يبدو أن عليها الاعتذار يومياً من واقع محدد يتمثل في أنها دول عربية. ذهبت هذه الدول شوطاً بعيداً في مراعاة إيران منذ البداية. الاسم الرسمي لدول مجلس التعاون هو «مجلس التعاون لدول الخليج العربية». أما دولة الإمارات التي لا تفرق أصلاً بين احتلال جزرها الثلاث والاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية أو لهضبة الجولان السورية، فإنها دعت مراراً إلى حل سلمي للقضية استناداً إلى القانون الدولي وما يمكن أن تقره محكمة العدل الدولية. ولكن ما العمل مع نظام يعتقد أنه يستطيع البناء على انتصارات ليست في الواقع انتصارات من نوع الإمساك بكل أنواع الميليشيات في العراق، بما في ذلك تلك العصابات الإرهابية التابعة لـ «القاعدة»... أو «حزب الله» في لبنان أو «حماس» وتوابعها في فلسطين. من يزرع الريح يحصد العاصفة. من يبني على نشر البؤس والمذهبية والانقسامات في الأرض العربية لن يحصل على غير البؤس يرتد عليه عاجلاً أم آجلاً... بغض النظر عن التسمية التي يفترض إطلاقها على الخليج. ليسمه كل طرف بالطريقة التي يختارها. الخليج لا يمكن أن يكون لا تحت هيمنة إيران ولا تحت هيمنة غيرها. العالم لا يمكن أن يقبل بذلك. إنه العالم الممتد من اليابان... إلى الصين، إلى دول جنوب شرق آسيا... إلى أوروبا، إلى الولايات المتحدة. من هي إيران لتحاول ابتزاز العالم الصناعي؟ ألم تتعلم شيئاً من تجربة صدّام حسين الذي هزمته بفضل الأميركيين والذي هزمها في الماضي بفضل الأميركيين ذاتهم؟ ألم تتعلم أنه لا يمكن صنع قوة من الضعف عن طريق تهديد الآخر ورفع الشعارات التي لا تعني شيئاً من نوع التأكيد الا عودة عن احتلال الجزر الإماراتية الثلاث... أو المطالبة بالبحرين!



إيران هذه الدولة المجوسية كالعادة تمارس هوايتها المفضلة في بث الحقد والكراهية تجاه الجيران العرب .. وتعاود إحياء روح المجوسية الفارسية الكريهة والتي أخمدها الفاروق رضي الله عنه